الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: محاسن التأويل
.تفسير الآية رقم (181): القول في تأويل قوله تعالى: {لَّقَدْ سَمِعَ اللّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاء سَنَكْتُبُ مَا قَالُواْ وَقَتْلَهُمُ الأَنبِيَاء بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُواْ عَذَابَ الْحَرِيقِ} [181].{لَّقَدْ سَمِعَ اللّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاء} روى الحافظان ابن مردويه وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس: لما نزل قوله تعالى: {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافاً كَثِيرَةً} [البقرة: 245]، قالت اليهود: يا محمد! افتقر ربك، فسأل عباده القرض، فأنزل الله هذه الآية.وروى محمد بن إسحاق عن عِكْرِمَة عن أبن عباس قال: دخل أبو بكر الصديق بيت المدراس، فوجد من يهود ناساً كثيرة، قد اجتمعوا على رجل منهم يقال له: فنحاص، وكان من علمائهم وأحبارهم، ومعه حبر يقال له: أشيع، فقال له أبو بكر: ويحك يا فنحاص! اتق الله واسلم، فوالله إنك لتعلم أن محمداً رسول من عند الله، قد جاءكم بالحق من عنده، تجدونه مكتوباً عندكم في التوراة والإنجيل. فقال فنحاص: والله يا أبا بكر، ما بنا إلى الله من حاجة من فقر، وإنه إلينا لفقير، ما نتضرع إليه كما يتضرع إلينا، وإنا عنه لأغنياء، ولو كان عنا غنياً ما استقرض منا كما يزعم صاحبكم. ينهاكم عن الربا، ويعطينا، ولو كان غنياً ما أعطاناً الربا. فغضب أبو بكر رضي الله عنه، فضرب وجه فنحاص ضرباً وشديداً، وقال: والذي نفسي بيده! لولا الذي بيننا وبينك من العهد لضربت عنقك يا عدو الله. فأكذبونا ما استطعتم إن كنتم صادقين. فذهب فنحاص إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد! أبصر ما صنع بي صاحبك. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما حملك على ما صنعت يا أبا بكر؟» فقال: يا رسول الله إن عدو الله قال قولاً عظيماً. يزعم أن الله فقير وأنهم عنه أغنياء، فلما قال ذلك غضبت لله مما قال، فضربت وجهه، فجحد فنحاص ذلك وقال: ما قلت ذلك. فأنزل الله فيما قال فنحاص: {لَّقَدْ سَمِعَ اللّهُ} الآية. ولما كان مثل هذا القول، سواء كان من اعتقاد، أو استهزاء بالقرآن والرسول- وهو الظاهر- لا يصدر إلا عن تمرد عظيم لكونه في غاية العظم والهول، أشار إلى وعيده الشديد بقوله: {سَنَكْتُبُ مَا قَالُواْ} أي: ما قالوه من هذه العظيمة الشنعاء في صحائف الحفظة: {وَقَتْلَهُمُ الأَنبِيَاء بِغَيْرِ حَقٍّ} إنما نظم مع ما قبله إيذاناً بسوابقهم القبيحة، وأنه ليس أول جريمة ارتكبوها، وأن من اجترأ على قتل الأنبياء لم يستبعد منه هذا الكلام: {وَنَقُولُ ذُوقُواْ عَذَابَ الْحَرِيقِ}..تفسير الآية رقم (182): القول في تأويل قوله تعالى: {ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللّهَ لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ} [182].{ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللّهَ لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ} أي: يقال لهم ذلك تقريعاً وتوبيخاً وتحقيراً وتصغيراً، بسبب هتكهم حرمة الله، وحرمة كلامه وأنبيائه المبلغين له.لطائف:الأولى: إيراد صيغة الجمع في الآية مع كون القائل واحداً، كما روي، لرضا الباقين بذلك، ونظائره في التنزيل كثيرة.الثانية: إضافة عذاب الحريق بيانية، أي: العذاب الذي هو الحريق.الثالثة: الذوق إدراك الطعوم، ثم اتسع فيه لإدراك سائر المحسوسات والحالات، وذكره ههنا، لأن العذاب مرتب على قولهم الناشئ عن البخل، والتهالك على المال، وغالب حاجة الْإِنْسَاْن إليها لتحصيل المطاعم، ومعظم بخله به للخوف من فقدانه، ولذلك كثر ذكر الأكل مع المال- أفاده البيضاوي-.الرابعة: تقديم الأيدي عملها، لأن من يعمل شيئاً يقدمه، والتعبير بالأيدي عن الأنفس من حيث إن عامة أفاعيلها إنما تزاول بهنّ، فهو من قبيل التعبير عن الكل بالجزء الذي مدار جلّ العمل عليه.الخامسة: إن قيل: ظلاّم صيغة مبالغة من الظلم، تفيد الكثير، ولا يلزم من نفي الظلم الكثير نفي الظلم القليل، فلو قيل: بظالم، لكان أدل على نفي الظلم قليله وكثيره!. فالجواب عنه من أوجه:أحدها: أن الصيغة للنسب من قبيل بزّاز وعطّار لا للمبالغة، والمعنى: لا ينسب إلى الظلم.الثاني: أن فعالاً قد جاء. لا يراد به الكثرة، كقوله طرفة:لا يريد هاهنا أنه قد يحل التلاع قليلاً، لأن ذلك يدفعه قوله: متى يسترفد القوم أرفد. وهذا يدل على نفي البخل في كل حال، ولأن تمام المدح لا يحصل بإرادة الكثرة.والثالث: أن المبالغة لرعاية جمعية العبيد، من قولهم: فلان ظالم لعبده، وظلام لعبيده، فالصيغة للمبالغة كماً لا كيفاً.الرابع: أنه إذا نفي الظلم الكثير انتفى الظلم القليل ضرورة، لأن الذي يظلم إنما يظلم لانتفاعه بالظلم، فإذا ترك الظلم الكثير مع زيادة نفعه في حق من يجوز عليه النفع والضر، كان للظلم القليل المنفعة أترك.الخامس: إن المبالغة لتأكيد معنى بديع، وذلك لأن جملة: {وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ}- اعتراض تذييلي مقرر لمضمون ما قبلها، أي: والأمر أنه تعالى ليس بمعذب لعبيده بغير ذنب من قبلهم. والتعبير عن ذلك بنفي الظلم لبيان كمال نزاهته تعالى عن ذلك بتصويره بصورة ما يستحيل صدوره عنه سبحانه من الظلم، كما يعبر عن ترك الإثابة على الأعمال بإضاعتها. وصيغة المبالغة لتأكيد هذا المعنى بإبراز ما ذكر من التعذيب بغير ذنب في صورة المبالغة في الظلم. .تفسير الآية رقم (183): القول في تأويل قوله تعالى: {الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ عَهِدَ إِلَيْنَا أَلَّا نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حَتَّى يَأْتِيَنَا بِقُرْبَانٍ تَأْكُلُهُ النَّارُ قُلْ قَدْ جَاءَكُمْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِي بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالَّذِي قُلْتُمْ فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقين} [183].{الَّذِينَ قَالُوا} نصب بتقدير أعني أو رفع على الذم بتقدير هم الذين قالوا: {إِنَّ اللَّهَ عَهِدَ إِلَيْنَا} أي: أمرنا: {أَلَّا نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حَتَّى يَأْتِيَنَا بِقُرْبَانٍ تَأْكُلُهُ النَّارُ قُلْ} أي: تبكيتاً لهم، وإظهاراً لكذبهم: {قَدْ جَاءَكُمْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِي بِالْبَيِّنَاتِ} أي: المعجزات الواضحة: {وَبِالَّذِي قُلْتُمْ} بعينه من تشريع القربان الذي تأكله النار: {فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ} أي: فلم قابلتموهم بالتكذيب والمخالفة والمعاندة وقتلتموهم: {إِنْ كُنْتُمْ صَادِقيْنَ} في أنكم تتبعون الحق وتنقادون للرسل..تفسير الآية رقم (184): القول في تأويل قوله تعالى: {فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ جَاءُوا بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَالْكِتَابِ الْمُنِير} [184].{فَإِنْ كَذَّبُوكَْ} أي: بعد بطلان عذرهم المذكور: {فَقَدْ كُذِّبَ} أي: فلا تحزن وتسلّ فقد كذب: {رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ جَاءُوا بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ} جمع زبور أي: الكتب الموحاة منه تعالى: {وَالْكِتَابِ الْمُنِير} أي: الواضح الجلي. والزبور والكتاب: واحد في الأصل، وإنما ذكرا لاختلاف الوصفين. فالزبور فيه حكم زاجرة، والكتاب المنير هو المشتمل على جميع الشريعة.فائدة:في قربان أهل الكتاب وتشريعه عندهم:اعلم أن القربان بضم القاف معناه لغةً: ما يتقرب به إلى الله تعالى وسيلة لمرضاته. قال في مرشد الطالبين: ذبائح العبرانيين عديدة جدًّا، وكان المستعمل هذه الذبيحة، بتعيين الله، الثيران والنعاج والمعز والحمام واليمام. وكانت الذبائح نوعين عامّين: إحداهما كانت تقرّب لتكفير الخطايا، والأخرى شكراً لله على مراحمه وبركاته.ثم قال: فالذبيحة اليومية كانت مشهورة جدًّا، وهي خروف بلا عيب، يقدم وقوداً لله كفارة للخطايا، وذلك مرتان صباحاً ومساءً، طول مدة السنة، فالتي في الصباح تقدم عن خطايا الشعب ليلاً، والتي في المساء عن خطاياهم نهاراً. وقبل فعل الذبيحة تعترف كل الشعوب بخطاياها فوق الحيوان المراد ذبحه على يد الكاهن الخادم، وبهذا كان ينقل الإثم إليه بواسطة وضع وكلاء الشعب أيديهم على رأسه، ثم يذبح ويقرب وقوداً. وفي غضون ذلك تسجد الجماعة في الدار، وتبخر الكهنة على المذابح الذهبية، ويقدمون الطلبات لله عن الشعب، وأما في يوم السبت، فكانت تتضاعف الذبيحة، ويقرب في كل دفعة خروفان.ثم قال: يوم الكفارة كان ممتازاً بالذبيحة السنوية، وهي أنه بعد أن يقرب الكاهن ثوراً كفارة لخطايا عائلته يقرب ماعزان كفارة لخطايا الشعب- انتهى-.وقد أشير لكيفية ذبح القربان وحرقه في مواضع من التوراة. منها: سفر الخروج في الفصل التاسع والعشرين. ومنها: في الفصل الأول من سفر الأحبار المسمين باللاويين ونصه: ودعا الرب موسى وخاطبه من خباء المحضر قائلاً: خاطب بني إسرائيل وقل لهم: أي: إنسان منكم قرب قرباناً للرب من البهائم فمن البقر والغنم يقربون قرابينهم إن كان قربانه محرقة من البقر، فذكراً صحيحاً يقربه عند باب خباء المحضر يقربه للرضوان عنه، وضع يده على رأس المحرقة ويترضى به ليغفر له، ثم يذبح الثور ويقرب الكهنة بنو هارون الدم وينضحون الدم على المذبح، وما أحاط به في باب قبة الشهادة- يعني التابوت الذي كان فيه لوحا التوراة المسماة شهادة- ثم يسلخون المحرقة، ويقطعونها قطعاً، ثم يوقدون ناراً على المذبح، وينضدون الحطب على النار، ثم يجعلون الأعضاء المقطعة الرأس والشحم على الحطب الذي على النار على المذبح، ويغسلون أكارعه وجوفه بالماء، ثم يصعده الكاهن ويجعله على المذبح وقوداً وقرباناً لرضا الرب... الخ.وفي الفصل السادس من سفر الأحبار: وكلم الرب موسى قائلاً: مرْ هارون وبنيه، وقل لهم: هذه شريعة المحرقة، تكون المحرقة على وقيدة المذبح طول الليل إلى الغداة، ونار المذبح متقدة عليه، ويلبس الكاهن قميصه من الكتان، وسراويلات من الكتان على بدنه، ويرفع الرماد الذي آلت إليه نار المحرقة على المذبح، ويجعله إلى جانب المذبح، ثم يخلع ثيابه ويلبس ثياباً أخر، ويخرج الرماد إلى خارج المحلة إلى موضع طاهر، وتبقى النار على المذبح متقدة لا تطفأ، ويضع عليها الكاهن حطباً في كل غداة... الخ.قال بعضهم: زعم الربانيون أن النار التي كانت في هيكل سليمان، والتي أمر اليهود بحفظها دون أن تطفأ البتة، كان أصلها من النار التي نزلت من السماء بعد تقدمة هارون وأبنائه المحرقات، وأنها بقيت إلى أيام الخراب الهيكل على يد بختنصر، إلا أنه ليس في التوراة ما يصرح بذلك- انتهى-.وهذه النار التي نزلت من السماء جاء ذكرها في الفصل التاسع من سفر الأحبار وملخصه: أن موسى أمر هارون عليهما السلام أن يذبح قرباناً، فذبح عجلاً وأحرق لحمه وجلده خارج المحلة، وأما شحمه وكليتاه وزيادة كبده فقترها على المذبح، ثم قرب تيساً وثوراً وكبشاً بكيفية خاصة، ثم دخل موسى وهارون خباء المحضر، فخرجت نار من عند الرب، فأكلت المحرقة والشحوم التي على المذبح، فنظر جميع الشعب وهتفوا مسبحين وسجدوا- انتهى-.إذا علمت ذلك، فقوله تعالى: {تَأْكُلُهُ النَّارُ} بمعنى أن يذبح على الكيفية المعروفة، ثم تنزل نار من السماء فتأكله، وتكون معجزة وآية كما حصل في عهد موسى وهارون من نزول النار وأكلها المحرقة، كما ذكرنا. وفي عهد سليمان أيضاً، فقد جاء في الفصل التاسع من سفر أخبار الأيام الثاني: أن سليمان لما أتم الدعاء هبطت النار من السماء وأكلت المحرقة والذبائح، وكان جميع بني إسرائيل يعاينون هبوط النار. انتهى.وقوله تعالى:.تفسير الآية رقم (185): القول في تأويل قوله تعالى: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَما الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ} [185].{كُلُّ نَفْسٍ ذَائقَةُ الْمَوْتِ} كقوله: {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ} [الرحمن: 26- 27]. وفي هذه الآية تعزية لجميع الناس، ووعد ووعيد للمصدق والمكذب: {وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} أي: تعطون جزاء أعمالكم وافياً يوم القيامة، إن خيراً فخير، وإن شراً فشر. قال الزمخشري: فإن قلت: فهذا يوهم نفي ما يروى أن القبر روضة من رياض الجنة، أو حفرة من حفر النار! قلت: كلمة التوفية تزيل هذا الوهم، لأن المعنى أن توفية الأجور وتكميلها يكون ذلك اليوم، وما يكون قبل ذلك فبعض الأجور.وقال الرازي: بيّن تعالى أن تمام الأجر والثواب لا يصل إلى المكلف إلا يوم القيامة، لأن كل منفعة تصل إلى المكلف في الدنيا فهي مكدرة بالغموم والهموم، وبخوف الانقطاع والزوال، والأجر التام والثواب الكامل إنما يصل إلى المكلف يوم القيامة، لأن هناك يحصل السرور بلا غم، والأمن بلا خوف، واللذة بلا ألم، والسعادة بلا خوف الانقطاع. وكذا القول في العقاب، فإنه لا يحصل في الدنيا ألم خالص عن شوائب اللذة، بل يمتزج به راحات وتخفيفات، وإنما الألم التام الخالص الباقي هو الذي يكون يوم القيامة، نعوذ بالله منه {فَمَن زُحْزِحَ} أي: أبعد: {عَنِ النَّارِ} التي هي مجمع الآفات والشرور: {وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ} الجامعة للَّذات والسرور: {فَقَدْ فَازَ} أي: حصل الفوز العظيم، وهو الظفر بالبغية، أعني النجاة من سخط الله والعذاب السرمد، ونيل رضوان الله والنعيم المخلد. وروى الإمام أحمد عن عبد الله بن عَمْرو بن العاص قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من أحب أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة، فلتدركه منيته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر، وليأت إلى الناس ما يحب أن يؤتى إليه». وأخرجه مسلم أيضاً: {وَما الْحَيَاةُ الدُّنْيَا} أي: لذاتها: {إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ} المتاع: ما يتمتع وينتفع به، والغرور: بضم الغين مصدر غره، أي: خدعه وأطمعه بالباطل، وإنما وصف عيش الدنيا بذلك لما تمنِّيه لذاتها من طول البقاء، وأمل الدوام، فتخدعه ثم تصرعه. قال بعض السلف: الدنيا متاع متروك يوشك أن يضمحل ويزول. فخذوا من هذا المتاع واعملوا فيه بطاعة الله ما استطعتم.
|